مع تسارع التحول الرقمي في العالم العربي، أصبحت الهجمات الإلكترونية أحد أكبر التهديدات التي تواجه الحكومات، والشركات، وحتى الأفراد. فبينما نخطو بثقة نحو اقتصاد رقمي، يبرز سؤال لا يمكن تجاهله:
كيف نحمي بياناتنا في ظل تصاعد الهجمات السيبرانية؟

1. ما هو الأمن السيبراني ولماذا أصبح ضرورة؟
الأمن السيبراني هو مجموعة من الممارسات والتقنيات التي تهدف إلى حماية الأنظمة الرقمية، والشبكات، والبيانات من الهجمات، الاختراقات، والتخريب.
في زمن تعمل فيه الحكومات على رقمنة خدماتها، وتعتمد الشركات على السحابة، ويشارك الأفراد معلوماتهم الشخصية على الإنترنت، أصبح الأمن السيبراني ليس مجرد ترف، بل ضرورة وجودية.
2. التهديدات الرقمية الأكثر شيوعًا في العالم العربي
- الاختراقات البنكية وسرقة الحسابات
تستهدف عصابات إلكترونية حسابات العملاء في البنوك عبر رسائل تصيّد أو تطبيقات وهمية. - الهجمات على البنية التحتية
مثل تعطيل أنظمة الطاقة، الموانئ، أو الاتصالات في بعض الدول عبر هجمات متقدمة. - الابتزاز الإلكتروني (Ransomware)
حيث يتم تشفير بيانات شركة أو مؤسسة، ثم يُطلب فدية لفك التشفير. - القرصنة الأخلاقية الخادعة
حيث يخترق المخترقون الأنظمة تحت غطاء “اختبار الحماية” لكن بهدف الإضرار.
3. واقع الأمن السيبراني في الدول العربية
تقدم لافت في بعض الدول:
- السعودية، الإمارات، ومصر استثمرت بشكل كبير في مراكز الأمن السيبراني، وأنشأت هيئات وطنية لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وبدأت بتطوير كوادر متخصصة.
تأخر وخلل في دول أخرى:
- دول تعاني من ضعف البنية الرقمية وغياب قوانين الحماية، مما يجعلها هدفًا سهلًا للهجمات.
- غياب الوعي المجتمعي يعزز قابلية الوقوع في شِباك الهندسة الاجتماعية والتصيّد الإلكتروني.
4. كيف نحمي بياناتنا؟ (على مستوى الأفراد والمؤسسات)
على مستوى الأفراد:
- استخدام كلمات مرور قوية ومختلفة لكل حساب.
- تفعيل المصادقة الثنائية (2FA) خاصة للحسابات البنكية والبريد الإلكتروني.
- تجنب فتح الروابط أو تحميل الملفات من مصادر غير موثوقة.
- استخدام برامج مضاد فيروسات وجدران حماية محدثة باستمرار.
- عدم مشاركة المعلومات الشخصية على الإنترنت بلا داعٍ.
على مستوى المؤسسات:
- تشفير البيانات الحساسة وتخزينها بشكل آمن.
- تدريب الموظفين على التصدي لهجمات التصيّد والاحتيال.
- إجراء اختبارات اختراق دورية واختبار خطط الاستجابة للحوادث.
- تحديث البرمجيات والأنظمة بشكل منتظم لسد الثغرات الأمنية.
- التعاون مع شركات أمن سيبراني موثوقة لتعزيز الحماية الشاملة.
5. دور الحكومات في حماية الفضاء السيبراني
الحكومات العربية مطالبة بـ:
- تشريع قوانين شاملة للأمن السيبراني تشمل حماية البيانات وحقوق الأفراد.
- تأسيس مراكز استجابة وطنية للهجمات الإلكترونية (CSIRT).
- تشجيع التعليم والتدريب في مجال الأمن السيبراني لتكوين جيل متخصص.
- تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التهديدات العابرة للحدود.
الخلاصة
لا يوجد تحوّل رقمي آمن دون أمن سيبراني.
وما لم يتم التعامل مع الهجمات الإلكترونية كأولوية وطنية، فإن الثقة في الخدمات الرقمية ستتآكل، وسيتحول التحول الرقمي من فرصة إلى خطر.
حماية البيانات تبدأ من الفرد وتنتهي بالمؤسسة والدولة. والوعي هو خط الدفاع الأول.



