في السنوات الأخيرة، بدأت ريادة الأعمال التقنية تأخذ مكانتها في المشهد الاقتصادي العربي، لتتحول من مجرد أفكار طموحة إلى مشاريع قائمة جذبت استثمارات بملايين الدولارات، وأسهمت في خلق فرص عمل، وتحفيز الابتكار.
فما الذي يجعل بيئة ريادة الأعمال التقنية في الشرق الأوسط مميزة؟ وما هي أبرز النماذج الناجحة التي خرجت من رحم هذا الواقع؟

أولًا: لماذا يشهد الشرق الأوسط نهضة في ريادة الأعمال التقنية؟
- انتشار الإنترنت والهواتف الذكية
مع زيادة استخدام الإنترنت، ظهرت فجوة في الخدمات الرقمية اليومية، وهو ما دفع رواد الأعمال لتقديم حلول تقنية فعالة. - استثمارات رأس المال الجريء
نشطت صناديق التمويل والاستثمار في الشركات الناشئة، خصوصًا في دول مثل الإمارات، السعودية، ومصر. - الدعم الحكومي والمبادرات الوطنية
مثل “رؤية السعودية 2030″، و”مسرعات دبي المستقبل”، ومبادرة “رواد 2030” في مصر، والتي وفرت بنية حاضنة للمبتكرين.
ثانيًا: نماذج ناجحة من الواقع العربي
1. شركة كريم (Careem) – الإمارات
منصة لحجز السيارات تأسست في دبي عام 2012، وتم الاستحواذ عليها من قبل Uber مقابل 3.1 مليار دولار عام 2020. تمثل قصة نجاح إقليمي حقيقي، بدأ من فكرة محلية وانتهى بعلامة تجارية عالمية.
2. سويفل (SWVL) – مصر
شركة متخصصة في النقل الجماعي الذكي، نشأت في القاهرة ووسّعت عملياتها إلى عدة دول. دخلت بورصة “ناسداك” الأمريكية في خطوة غير مسبوقة لشركة ناشئة مصرية.
3. ممزورلد (Mumzworld) – الإمارات
منصة تجارة إلكترونية متخصصة في مستلزمات الأم والطفل. حققت نموًا سريعًا، ونجحت في تأمين عدة جولات تمويلية قبل أن تستحوذ عليها “Tamer Group” السعودية في 2021.
4. باز (Baaz) – الأردن
منصة تواصل اجتماعي عربية تركّز على خصوصية المستخدمين والمحتوى المحلي. ظهرت كمحاولة لبناء شبكة اجتماعية تلبي خصوصيات المستخدم العربي بعيدًا عن المنصات العالمية.
5. جاهز (Jahez) – السعودية
تطبيق توصيل طلبات محلي، تفوق على منافسين عالميين في السوق السعودي، وطرح للاكتتاب في السوق المالية السعودية (تداول) محققًا تقييمات ضخمة.
ثالثًا: التحديات التي تواجه رواد الأعمال التقنيين
- صعوبة الوصول إلى التمويل في مراحل التأسيس الأولى.
- القيود التنظيمية والقوانين القديمة التي لا تواكب طبيعة الأعمال الرقمية.
- نقص الكفاءات التقنية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والبرمجة المتقدمة.
- الاحتكار أو سيطرة الشركات الكبرى على الأسواق.
رابعًا: مستقبل ريادة الأعمال التقنية في المنطقة
المؤشرات تشير إلى نمو متسارع، مدفوع بـ:
- تطور البنية التحتية الرقمية.
- زيادة الطلب على الخدمات الذكية في الصحة، التعليم، المالية.
- توجه الشباب نحو الابتكار والعمل الحر بدلاً من الوظائف التقليدية.
- تشجيع الحكومات للابتكار عبر الجوائز، الحاضنات، والمساحات المشتركة.
الخلاصة
ريادة الأعمال التقنية في الشرق الأوسط لم تعد حلمًا، بل أصبحت حقيقة ملموسة تصنع الفارق في الاقتصاد، وتحفّز روح الابتكار في جيل جديد من الشباب العربي.
النجاح ممكن، لكن يحتاج إلى رؤية واضحة، بيئة داعمة، واستثمار مستمر في الإنسان والتكنولوجيا.



